إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

هالة، الشقيقة الشجاعة

بيانات صحفية

هالة، الشقيقة الشجاعة

أكثر ما تفتقده هالة هي قصص ما قبل النوم التي كانت ترويها لها والدتها. تقول: "كنت ألعب في الخارج عندما انهار منزلنا ورأيت أناساً يحملون أمي إلى الأسفل."
3 أبريل 2014
540eeec26.jpg
أكثر ما تفتقده هالة هي قصص ما قبل النوم التي كانت ترويها لها والدتها. تقول: كنت ألعب في الخارج عندما انهار منزلنا ورأيت أناساً يحملون أمي إلى الأسفل.

هل تبتسم هالة أم أنها على وشك البكاء؟ لست متأكدة. استجمعت أخيراً شجاعتي لأسألها عما حصل.

راحت تخبرني: "كان جسدها ممزقاً إلى أشلاء، ساقاها، ذراعاها. لم يتمكنوا من العثور على كافة أشلائها." كانت هالة في العاشرة من عمرها.

بتاريخ 25 مارس/آذار من عام 2012، ذهبت هالة إلى المدرسة ولعبت مع أصدقائها. أعدت والدتها الطعام ثم أخذت قيلولة. كانت المعركة قد دخلت يومها الثاني في سراقب، الواقعة في شمال غرب سوريا، وكانت أعمال العنف قد أوشكت على بلوغ قريتها.

تقول هالة: "في المرة الأولى التي رأينا فيها الدبابات، شعرنا بقليل من الخوف. لكننا رأينا بعدئذٍ أشخاصاً يوزعون الخبز والطعام فاستنتجنا ألا شيء يدعو إلى كل هذا القلق."

اثنان من أشقاء هالة: نمر، 17عاماً، وكامل، 18عاماً، يتدفآن بالقرب من الموقد داخل مأواهم في سهل البقاع في لبنان.

التقيت هالة للمرة الأولى في مخيم في البقاع الأوسط، شرقي لبنان. تقيم هنا منذ عام، وهي واحدة من مليون لاجئ فروا من سوريا. يدعونها "اليتيمة"؛ من السهل التعرّف إليها بسبب مشيتها الصبيانية وقبعتها الشتوية. تتكلم بلا مبالاة؛ وتبدو عليها علامات القسوة كباقي اللاجئين الذين التقيتهم. بدأ شعرها يتساقط.

أخبرتني قائلةً: "أسرع كامل إلى الداخل بينما اختبأت في باحة اللعب، وعندما صعدت راكضةً لأعثر عليه، كان فاقداً للوعي. هرع الناس لنقله إلى المستشفى، ولكن الحادثة ألحقت به ضرراً كبيراً."

تقول هالة: "قال أبي لنا إنه من الأفضل لنا أن نفرّ إلى لبنان، لم تصلنا أخباره منذ أن غادرنا."

كامل، 18 عاماً، هو الابن البكر. تقول هالة إنه كان الأذكى بينهم، "كان طبيعياً كأي شخص آخر،" ولكن الحادثة غيرته؛ أصبح بالكاد يتكلم كما أنه يُصاب بنوبات. أما نمر، وهو أكبر سناً من هالة، فاضطر للزواج من فتاة لاجئة في المخيم لتهتم بأشقائه الأصغر سناً. وهما في السادسة عشرة والسابعة عشرة من العمر.

تقول هالة مستذكرة: "قال لنا أبي إنه من الأفضل لنا أن نفرّ إلى لبنان، وعدنا بأن يلحق بنا. لم تصلنا أخباره منذ أن غادرنا." يعتقد نمر بأنه قُتل أو خُطف. فقد كلاهما الأمل برؤيته مجدداً.

تقود هالة ،11 عاماً، مجموعة من اللاجئين السوريين الصغار، بمن فيهم شقيقتها رهف، وعمرها 10 أعوام (الخامسة من اليمين)، في لعبة في المخيم الذي يعيشون فيه في سهل البقاع بلبنان.

لأهالي قرية هالة الصغيرة روتين يتبعونه. تقشر النساء والفتيات البطاطا ويحمل الفتيان الخبز على أكتافهم، ويتسابق الأطفال لإحضار المياه قبل أن تنفد. في تلك القرية حس بالانتماء إلى المجتمع: علاقات الصداقة وبهجة الأطفال وإصرار الرجال على دعوتك إلى تناول القهوة.

أربعة أيام من المشي في أزقة التجمع الضيقة والموحلة جعلتني أدرك أن هذا الروتين يعيش في ظل صراع يومي. أتأمل نمر الذي يبحث عن الأمل ويخشى أن يخذل أشقاءه. هو بنّاء، إلا أنه يستيقظ في الرابعة فجراً ليجمع المخلفات البلاستيكية ويبيعها لتأمين الطعام للعائلة. وأراقب هالة ، الأخت والراعية "اليتيمة"، تفوت سنين الدراسة.

مع ذلك، لا يزالون تواقين للحياة. بعد ثلاث سنوات من المأساة، يبدو أن هالة وأشقاءها متعطشون لإعادة شيء من الاستقرار إلى حياتهم. يطبع شقيق هالة الأصغر، وهو في طريقه إلى الخارج للعب، قبلة على خد زوجة نمر. يلاحظ نمر الأمر ويبتسم. أما شقيقة هالة الصغرى، فتحيك ثوباً لدمية مهترئة وجدتها في الشارع. وتقوم هالة بغسل الصحون وصفّها على رف معدني مائل. تلعب بحبل مرمي وتعد بفخر كل قفزة إلى أن تتعثر ثم تعود لتبدأ من جديد.

يستضيف لبنان حالياً مليون لاجئ مسجل. نصفهم من الأطفال من أمثال هالة، وأكثر من نصف الأطفال لا يذهبون إلى المدرسة. فوَّت العديدون من بينهم ثلاثة أعوام من الدراسة، وهم لا يجيدون القراءة أو الكتابة. يحضر أصدقاء هالة في التجمع حصصاً في مدرسة غير رسمية في الجوار، أما هي فقررت عدم الذهاب إلى المدرسة؛ فلديها عائلة عليها أن تهتم بها.

بقلم دانا سليمان