إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

زواج عبر الواتساب.. شاب وشابة يقعان في الغرام عبر الحدود بين سوريا والأردن

بيانات صحفية

زواج عبر الواتساب.. شاب وشابة يقعان في الغرام عبر الحدود بين سوريا والأردن

نشأ الزوجان في الحي نفسه في مدينة درعا في جنوب سوريا ولكنّهما لم يلتقيا ببعضهما قبل أن تعرّفهما والدتاهما على بعضهما البعض في أبريل/نيسان 2014.
16 أغسطس 2015
"استغرق الأمر مني أياماً لإقناعها بإرسال صورة لي... كانت خطوط الاتصال بطيئة، لكنها كانت أبطأ منها!" - مينيار

مع عدم ظهور أي بوادر تشير إلى انتهاء المعاناة الإنسانية الناجمة عن الحرب في سوريا، قد يشعر المرء بأنّه لا يوجد أي أخبار سعيدة يمكن الحديث عنها. عندما ذكر أحد زملائي أمامي قصّة شابَيْن سوريَيْن التقيا ووقعا في غرام بعضهما البعض وأعلنا خطوبتهما عن طريق الواتساب، اغنمتُ الفرصة على الفور وذهبتُ للتحدّث إليهما.

عندما وصلت إلى المنزل الصغير في مدينة إربد الواقعة في شمال الأردن حيث يعيش مينيار البالغ من العمر 30 عاماً وخولة البالغة من العمر 21 عاماً مع أقربائهما، رحّبا بي وأظهرا كرم الضيافة التي يتميز بها السوريون. ورغم أنّهما لا يملكان سوى القليل من الموارد، وجّها لي دعوةً للجلوس وتناول الغداء معهما إلى جانب والدة مينيار وجدّته وأخيه من ثمّ ألحّا عليّ لتناول فنجان من الشاي مع النعناع.

بعد ذلك، جلس مينيار وخولة بالقرب من بعضهما البعض على وسادة كبيرة وبدآ يرويان لي قصّتهما.

نشأ الزوجان في الحي نفسه في مدينة درعا في جنوب سوريا ولكنّهما لم يلتقيا ببعضهما قبل أن تعرّفهما والدتاهما على بعضهما البعض في أبريل/نيسان 2014.

يقول مينيار: "أردتُ أن أتزوج ولكن أمّي لم تكن تعرف الكثير من العائلات السورية هنا في الأردن. وكان لديها صديقة تعمل معها في درعا ولديها ابنة. وأخبرتني بأنّها طالبة جامعة وأنها جميلة. وقالت: "سأسألها عنها".

في ذلك الوقت، كان مينيار لاجئاً في الأردن وكانت خولة لا تزال في سوريا مع عائلتها، واتّفقا على التحدث إلى بعضهما على الهاتف من جهتَيْ الحدود.

تتذكّر خولة قائلةً: "عرّفني على نفسه وسألني: "هل يجبرك أحدهم على التحدّث إليّ؟" قلتُ له: "لا لقد أعطاني أبي حرية اختيار الشخص الذي أريد".

قال مينيار إنّه انسحر بصوتها على الفور، ولكن وبما أنّ الخطوط الهاتفية كانت تنقطع باستمرار، اضطُرا إلى الاعتماد بصورة أساسية على المراسلة عن طريق الواتساب والفايبر للبقاء على تواصل حيث كانت خولة تلتقط الواي فاي من منزل جيرانها.

كانا يتحدثان عن كلّ شيء ويرسلان إلى بعضهما البعض الصور حول ما يقومان به رغم أنّ خولة لم تكن ترسل الصور إلّا بعد أن يحاول مينيار جاهداً ملاطفتها وإقناعها بذلك. ويمازح مينيار قائلاً: كانت الخطوط بطيئة لكنّ خولة كانت أبطأ منها!"

وعندما سألته كيف كانت تجري المغازلة عن طريق المراسلة، قال مينيار إنّ الأمر كان محبطاً عندما ينقطع الإرسال، ولكن الإصرار والصدق كانا أساسيين. وأضاف: "لم أكن أهتمّ سواء أكان ذلك عن طريق الواتساب أو الفايبر أو الفيسبوك أو أي وسيلة أخرى؛ كان يهمّني فقط التحدّث إليها. ولكن عندما يكون شخصان يحاولان الوقوع في الغرام والزواج من دون أن يكونا قد التقيا ببعضهما البعض من قبل، يجب أن يكونا قبل أي شيء صادقَيْن في التعبير عن مشاعرهما".

وكان مصدر القلق الرئيسي لدى خولة أكثر واقعيةً، حيث تقول: "كان علي دوماً التأكّد من أنّني أملك بعض الرصيد الاحتياطي لكي لا يقلق عليّ إذا ما انتهى رصيدي في منتصف الليل".

وسرعان ما قرّرا إعلان الخطبة. ولكن بما أنّهما بعيدان عن بعضهما البعض بسبب الحرب لم يكن لديهما أدنى فكرة عن الطريقة التي يُمكن أن يتزوجا من خلالها أو متى يستطيعان الزواج. يقول مينيار: "لم أكن أعلم كيف يمكنني إحضارها إلى الأردن، لذا تحدّثنا عن إمكانية الاجتماع ببعضنا البعض في سوريا أو تركيا، وناقشنا حتى إمكانية فسخ الخطوبة. ولكن إذا كنتَ تؤمن بالشيء فعلاً وكنتَ صبوراً، تستطيع أن تبلغ مرادك".

تقول خولة أنه قبل الفرار من سوريا "كان علي دوماً التأكّد من أنّني أملك بعض الرصيد الاحتياطي لكي لا يقلق عليّ إذا ما انتهى رصيدي في منتصف الليل".

ولكن الأمور بلغت حدّها أخيراً عندما أخبرت خولة مينيار أنّها تخطّط للانتقال مع عائلتها إلى تركيا، وقد شعر مينيار بالقلق من أن لا يتمكنا من اللقاء على الإطلاق، فطلب من أهلها إعداد عقد الزواج وبدأ بإجراء التحضيرات اللازمة لإحضار خولة إلى الأردن. وقال إنّه عندما بدآ بالتفاوض والتوافق على العقد اعتمدا إلى حدّ كبير على تطبيق الواتساب.

وبعد المحاولة الأولى التي باءت بالفشل، نجحت خولة أخيراً بالوصول إلى الأردن في أكتوبر/تشرين الأوّل 2014 واستقبلها مينيار الذي كان متحمساً للغاية في المطار. وقال: "هي الشخص الذي أريد أن أمضي حياتي معه والذي أحبّه دون أن أكون قد التقيته من قبل. لذا كان هذا الشعور مميزاً جدّاً".

وقد تزوجا بعد فترة وجيزة خلال احتفال صغير وتقليدي في المنزل في إربد حيث انضمّ إليهما بعض أفراد العائلة والأصدقاء المقرّبين. وهما ينتظران ولادة طفلتهما الأولى في غضون أشهر قليلة.

لا يزال مينيار عاجزاً عن أن يصدّق أنّهما نجحا في الزواج. ويقول: "كان الأمر يبدو مستحيلاً ولكنّه حدث".

وبينما كنّا نتحدّث، كان مينيار يلعب مع ببغاء ملونة صغيرة تُدعى "بلبل" عثر عليها هو وخولة متروكة في أحد الأقفاص خلال إحدى نزهاتهما الليلية المنتظمة مشياً على الأقدام في الحي. وسألته عن نوع هذه الببغاء ولا أدري ما إذا كان يمازحني عندما قال لي هي من فصيلة تُعرف باسم طير الحبّ (يؤكّد بحثٌ سريع على الإنترنت هذه الحقيقة).

وبالمقارنة مع كافة المآسي وأحلام ملايين الأشخاص التي دمرّها النزاع، تبدو سعادة هذَيْن الشخصَيْن بالنسبة إليّ كانتصار صغير لكنه مهمّ.