إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

ابتسامة خالد .. قوة الإرادة في وجه المأساة

بيانات صحفية

ابتسامة خالد .. قوة الإرادة في وجه المأساة

في الخامسة عشرة من عمره، فقد ذراعيه ووالدته جراء انفجار قذيفة مروع، إلا أن اللاجئ السوري الشاب لا يزال مصراً على عيش حياته.
3 سبتمبر 2015
55e7eef96.jpg
يقول خالد: كانت حياتي جميلة في سوريا. كنت قد بدأت العمل في مجال الألبسة وبنيت خططاً رائعة للمستقبل ولكن الأزمة بدأت.

كانوا قد فروا من القذائف في درعا، سوريا. وفي صباح أحد أيام الربيع في أبريل/نيسان 2013، وبينما كان خالد البالغ من العمر 15 عاماً يتناول الفطور مع عائلته، انفجرت قذيفة على بعد بضعة أمتار فقط من مأواهم.

ويتذكر خالد قائلاً: خرجنا جميعنا لنرى مكان سقوط القذيفة، فسقطت أخرى بيننا."

فقد خالد ذراعيه في الانفجار وأُصيبت والدته التي كانت تقف بجانبه بشظية وتوفيت على الفور، فيما تعرضت ثلاث من أخواته الخمس لإصابات جراء الشظايا.

يقول خالد: "لم أفقد الوعي، وكان الدم يغطي المكان والجميع يصرخون. كنت أنظر إلى ذراعي وأقول: "هذا مستحيل، هذا حلم." ما زلت لا أستطيع أن أصدق ما حدث. هل فقدت والدتي فعلاً؟"

واليوم، وبينما نجلس معاً في إربد، الأردن، يصعب تصور ما مر به هذا الشاب الوسيم الذي لم يتخطّ السابعة عشرة من العمر والذي لا تفارق الابتسامة وجهه. ويقول لي: "كانت حياتي جميلة في سوريا. كنت قد بدأت العمل في مجال الألبسة وبنيت خططاً رائعة للمستقبل. ولكن الأزمة بدأت، ومنذ ذلك الحين ونحن نتقدم خطوةً ونعود عشر خطوات إلى الخلف."

في أواخر عام 2012، عندما اشتد الصراع بالقرب من بلدتهم، الغارية الغربية، بات من الصعب تحمله ليفر خالد إلى الأردن مع والديه وأشقائه الثمانية. وصلوا إلى مخيم الزعتري للاجئين، إلا أن والدته أديبة أُصيبت بالربو الحاد في ذلك المكان الجاف والمغبر. وبما أنها لم تستطع التأقلم مع الوضع، تعين عليهم اتخاذ قرار مصيري بالعودة إلى بلادهم.

وبعد مرور بضعة أشهر، أدركت العائلة بأن البلدة التي تقيم فيها على وشك التعرض للاعتداء، فانتقلت إلى قرية مجاورة بحثاً عن الأمان، إلا أن القذائف سقطت هناك في صباح ذلك اليوم المشؤوم من شهر أبريل/نيسان.

وبعد الانفجار، أمضى خالد أكثر من أسبوع في أحد المستشفيات المحلية في درعا. ولكن كل ما تمكن الأطباء من فعله هو تقطيب جروحه، فعادت العائلة إلى الأردن وتم نقل خالد وشقيقاته إلى مستشفى في إربد حيث تلقوا العلاج المتخصص الذي كانوا يحتاجون إليه. وبعد أسبوع من العلاج المركّز، أُخرج خالد من المستشفى وبدأ البحث عن متبرعين لتزويده بذراعين اصطناعيتين.

قدم له متبرع من الخليج الزوج الأول إلا أنه شعر بأن الأطراف المحشوة بالسيليكون ثقيلة جداً بما أن عضلاته أصبحت ضعيفة جداً فأعاده. وتمت إحالته إلى عيادة لإعادة التأهيل في وسط إربد، تديرها جمعية غير ربحية ألمانية-سورية قدمت له ذراعين اصطناعيتين جديدتين وهو اليوم يخضع لجلسات العلاج الفيزيائي ثلاث مرات في الأسبوع.

وبما أن شقيقتيه وشقيقه الأكبر منه سناً متزوجون ويقيمون في مكان آخر، يتشارك خالد شقة صغيرة من ثلاث غرف في إربد مع والده وشقيقاته الثلاث وشقيقيه، ويصف وضعهم المادي بالصعب جداً، بما أنهم مضطرون إلى الاعتماد على قسائم برنامج الأغذية العالمي للحصول على الطعام، كما أنهم يصارعون للحصول على المال الكافي لتسديد قسط الإيجار والفواتير كل شهر.

وحدد تقييم أُجري الشهر الماضي قيمة المساعدات النقدية التي تتلقاها العائلة من المفوضية بـ120 ديناراً أردنياً (170 دولاراً أميركياً) في الشهر، ولكن النقص في التمويل أخّر حصولهم على المال حتى شهر أغسطس/آب.

تستفيد 22,500 عائلة سورية في الأردن حالياً من المساعدات النقدية الشهرية التي توفرها المفوضية، وهناك 9,750 عائلة إضافية على قائمة الانتظار بسبب نقص الأموال المتوفرة. وقد جمعت المفوضية حتى الآن في إطار نداء شريان الحياة الجاري، 4.7 ملايين دولار أميركي وهو مبلغ يكفي لتقديم المساعدة لـ3,100 عائلة، ولكن هنالك حاجة ماسة إلى المزيد من التمويل.

وفي حين أن المساعدات ستساهم في التخفيف من الضغوط المالية على العائلة، إلا أن خالد ما زال يجد صعوبة في التأقلم مع التحديات اليومية التي تسببها إصابته. ويقول: "توجب علي التأقلم مع حياة جديدة وإيجاد نمط حياة يتلاءم مع وضعي الجديد. لم أتصور يوماً أن أفقد ذراعي ولكن كآبتي لن تعيدهما."

تعلم خالد القيام بما يمكنه فعله بمفرده، بما في ذلك- وكأي مراهق آخر، إرسال وتلقي الرسائل النصية على هاتفه والإجابة على الاتصالات المتكررة مستخدماً سماعة رأس لاسلكية.

يقضي خالد معظم الأمسيات مع أصدقائه أو يتصفح الإنترنت ويزور أحياناً وسط مدينة إربد لتدخين النرجيلة. وقد حافظ على هوايته بتركيب مقاطع الفيديو التي ترافق الأغاني العربية الشعبية على جهاز الكمبيوتر المحمول خاصته على الرغم من أنه تعطل مؤخراً ولم يعد يعمل.

ويعتمد خالد في بعض الأمور، كتناول الطعام وارتداء الملابس على مساعدة والده وشقيقاته الصغيرات، إلا أنه لا يسمح لهم بالنظر إليه على أنه اتكالي، ويقول: "لا يتعامل أفراد عائلتي معي على أنني معاق بل بطريقة طبيعية. أراهم يشعرون بالحزن علي فأخبرهم النكات وأمازحهم لأظهر لهم أنني بخير."

قدمت له العيادة ذراعين اصطناعيتين جديدتين أخف وزناً من السابقتين، ولكنهما شكليتان فقط إذ لا تسمحان له بالإمساك بالأشياء جيداً، ويحتفظ بهما في صندوق في زاوية الغرفة التي يتشاركها مع شقيقيه. يتمنى الحصول على ذراعين اصطناعيتين ذكيتين تسمحان له بالاعتماد على نفسه بشكل أكبر. ولكنه يعرف أن أمله ضئيل في الحصول عليهما - بما أن تكلفتهما باهظة وتقدر بآلاف الدولارات.

ولكن خالد يرفض التخلي عن الأمل على الرغم من ذلك، ويقول: "إن الحصول على ذراعين اصطناعيتين جديدتين هو الخطوة الأولى باتجاه تحقيق أحلامي، فسأتمكن من إعادة بناء مستقبلي واستعادة عملي. أود أن أفتح متجري الخاص لبيع الملابس وأجد زوجة تدعمني وتقف إلى جانبي وأُنشئ عائلة."