إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

نساء يحققن النجاح رغم ضراوة الصراع في سوريا

بيانات صحفية

نساء يحققن النجاح رغم ضراوة الصراع في سوريا

اضطُرت سحر، البالغة من العمر33 عاماً، إلى مغادرة منزلها في بلدة الشجرة بمحافظة درعا جنوب سوريا منذ بداية الأحداث بحثاً عن مكان أكثر أمناً لأطفالها الأربعة.
31 يناير 2016
56add96b6.jpg
سحر تعرض منتجاتها الخاصة بمواد التنظيف في دكانها الصغير.

دمشق، سوريا، 31 يناير/كانون الثاني (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - على الرغم من اضطرار المئات من السوريين للنزوح من محافظة إلى أخرى دون أي شيء سوى الملابس التي يرتدونها في كثير من الأحيان، ما يزال هناك من يمد لهم يد العون ويقف إلى جانبهم من مواطنيهم السوريين خلال محنتهم.

اضطُرت سحر، البالغة من العمر33 عاماً، إلى مغادرة منزلها في بلدة الشجرة بمحافظة درعا جنوب سوريا منذ بداية الأحداث بحثاً عن مكان أكثر أمناً لأطفالها الأربعة. وتصف هذه الأم اللحظات التي رافقت فرارهم قائلة:"هربنا عندما نشب القتال في بلدتنا تاركين كل شيء. شعرنا بالخوف ولم نكن ندري أين ستكون وجهتنا"، وأضافت: "ونحن في الطريق، اتصل بنا صديق زوجي وأخبرنا عن استعداده لاستقابلنا في منزله في محافظة السويداء".

أرادت سحر أن تفعل ما بوسعها لتخفف المعاناة عن أطفالها الأربعة، عدنان، 16 وحسين، 12 ورشا، 13 وبيسان 7 سنوات، وواجهت العديد من التحديات خاصة وأن زوجها لم يكن بمقدوره فعل أي شيء ولم يتمكن من إيجاد عمل له. تقول سحر: "في البداية، كنت أشعر بالخجل لمجرد أن أطلب المساعدة من الكنيسة أو أية جهة أخرى لإطعام أطفالي، فأنا لست معتادة على هذا".

بعد فترة وجيزة، علمت سحر من الجوار أن بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثودكس تُوفر للنازحين من المحافظات الأخرى دورات تدريب مهني تمكنهم من صناعة بعض المنتجات التي يمكن لهم بيعها في السوق المحلية، وبالتالي كسب رزق للعيش. سجلت سحر في دورة تدريبية لصناعة مواد التنظيف وباشرت بالتدرب والتعلّم. توفر مفوضية اللاجئين الدعم لبطركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثودكس منذ العام 2008 بهدف تقديم أنواع مختلفة من الخدمات للنازحين من خلال برامج تنموية كدروس التقوية لطلاب المدارس، والتدريب المهني للشباب والبالغين، وجلسات التوعية حول الصحة ومواضيع أخرى، إضافة إلى برامج المنح الصغيرة.

"تعلمت طريقة صناعة شامبو الاستحمام وشامبو الشعر ومواد التنظيف ومنعم الشعر (البلسم) والكريمات المطرية للجلد"، توضح سحر التي حققت نسبة ربح قدرها 80 بالمئة من خلال المنتجات التي صنعتها في المرحلة الأولى، فقررت أن تستأجر دكاناً صغيراً وأن تبدأ عملها الخاص الذي من شأنه أن يوفر لها مصدر رزق جيد، وتقول: "استأجرت هذا الدكان الصغير بمبلغ 6,000 ليرة سورية شهرياً، وبعد فترة وجيزة، تمكنت من شراء الرفوف لعرض المنتجات عليه".

إن اتقان هذه المهنة لم يكن بالأمر السهل بالنسبة لسحر، فهناك خطوات يجب تعلمها تحتاج إلى حرفية ومهارة للحصول على مواد تنظيف ذات فعالية، وكان على سحر أن تبذل الكثير من الجهد والوقت لتعلّم هذه الطرق: "علّمنا المدرب كيف نصنع مواد تجارية والتي عادة ما تكون متوفرة في الأسواق، وتلك ذات الفعالية العالية التي يمكن صنعها للاستخدام المنزلي، وحالياً أنتج النوع الثاني، لهذا فإن منتجاتي أفضل من المنتجات التجارية التي تباع في السوق".

بالنسبة لكثيرين، تعتبر سحر أحد أفضل مصنعي منتجات التنظيف في المنطقة التي تقطنها حيث يفضل السكان منتجاتها على تلك الأخرى المتوفرة في الأسواق، وأكدت على ذلك إحدى سكان المنطقة بقولها: "جربت منتجات التنظيف المتوفرة في السوق وجربت منتجات سحر والآن أفضل استخدام منتجات سحر لأنها تعطي نتائج جيدة".

تعتقد سحر أن السبب الرئيسي وراء نجاحها هو مساعدة جارتها أم رامي، البالغة من العمر 76 عاماً والتي وقفت إلى جانب سحر منذ وصولها إلى السويداء، حيث ساعدتها في أشياء عديدة وعلمتها طريقة صنع الزبيب (تجفيف العنب)، وصناعة الخل، حتى أنها أخذت على عاتقها العناية بأطفال سحر بينما كانت تحضر ورشات التدريب في البطريركية، وفي ذلك تقول سحر: "إن كرم أم رامي ولطفها ومودتها بعث الفرح بأعماقي في أوقات اليأس والإحباط التي مررت بها مع عائلتي".

كونها هي الأخرى أمٌ وجدّة، فإن أم رامي تشعر أن من واجبها مد يد العون. "عندما ترى شخصاً بحاجة للمساعدة، ووبوسعك أن تفعل شيئاً ما لمساعدته، فعليك أن تمضي قدماً دون التفكير بأية مكاسب"، تقول أم رامي.

في الوقت الراهن، تقوم أم رامي بالتحضير لمعرض منتجات يدوية قامت بحياكتها وتطريزها بنفسها بحيث يعود ريع هذا المعرض للكنيسة لمساعدة المحتاجين.

عندما سُألت أم رامي عن سبب مساعدتها لسحر، وخاصة أن سحر من محافظة أخرى ومن مجتمع آخر، صمتت لبرهة وتأملت ثم قالت: "اعتدنا على العيش معاً، وبطبيعة الحال فإن بلدنا سوريا تتمتع بتنوع الطابع الاجتماعي فيها، ولكننا في النهاية سواسية وكلنا بشر وإن تعددت ثقافاتنا ومذاهبنا ومعتقداتنا".

أمور الحياة اليومية بالنسبة لسحر جيدة الآن فهي تشعر بسعادة كبيرة لرؤية أطفالها يذهبون إلى المدرسة كل يوم وابنها الأكبر يساعدها في دكانها الصغير بعد الظهر، في حين أنها تستمتع بقضاء بعض الوقت مع جارتها أم رامي.

بقلم فيفيان طعمة في دمشق