إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

الحرب والجوع يدفعان سكان جنوب السودان إلى النزوح

بيانات صحفية

الحرب والجوع يدفعان سكان جنوب السودان إلى النزوح

ساروا لأسبوع هرباً من مكان يواجه أسوأ أزمات الجوع في العالم، حيث يعتمد ثلاثة أرباع مليون شخص اليوم على النباتات البرية وزنابق الماء والأسماك في المستنقعات بشكل أساسي للبقاء على قيد الحياة: ولاية الوحدة في جنوب السودان.
14 مارس 2016
56e5f2886.jpg
نيابار غالواك البالغة من العمر 60 عاماً ترتاح إلى جانب حفيدتها داخل كوخهما المصنوع من الطين. فرتا من ماينديت في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني بسبب القتال والجوع.

جالسون على الأرض الترابية، يتناوب 31 شخصاً فروا من منازلهم بعد عدة أعوام من حرب تركتهم من دون طعام على أكل اللب الجاف لجوز النخيل.

معظمهم أمهات مع أطفال صغار، ورجل مسن في الخلف يحتضن إبنه المريض بقلق. يبدو الجميع هزيلي البنية ومرتبكين، وقد تكون هذه الوجبة هي وجبتهم الوحيدة اليوم، ولكنهم على الأقل بأمان هنا. وتقول نييباش بينليوك التي تعتقد بأنها تبلغ من العمر 25 عاماً: "ما زال هناك القليل من الطعام والأطفال ما زالوا مرضى لكن لا يوجد إطلاق للنار".

ساروا لأسبوع هرباً من مكان يواجه أسوأ أزمات الجوع في العالم، حيث يعتمد ثلاثة أرباع مليون شخص اليوم على النباتات البرية وزنابق الماء والأسماك في المستنقعات بشكل أساسي للبقاء على قيد الحياة: ولاية الوحدة في جنوب السودان.

وفقاً لشبكة نظام الإنذار المبكر للمجاعة وهي الهيئة العالمية المكلفة بمراقبة مثل هذه الحالات، تم رسمياً تصنيف حوالي 2.4 مليون شخص في أنحاء البلاد على أنهم يواجهون "أزمة" أو "حالة طوارئ" في مجال انعدام الأمن الغذائي. ومن بينهم، نزح 1.6 مليون شخص من منازلهم إما بسبب الحرب أو الجوع الذي تبعها أو بسبب الإثنين معاً.

أدى كل من الصراع والاضطهاد إلى دفع أعداد هائلة من الأشخاص حول العالم إلى الفرار مع نهاية عام 2014: 59,5 مليون شخص وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وفي حين أن الأسباب الأساسية للنزوح تختلف، ثمة إشارة صغيرة بتباطؤ الاتجاه في عام 2015.

عاد جنوب السودان إلى دوامة الحرب مجدداً في 15 ديسمبر/كانون الأول 2013، بعدما تحولت التوترات السياسية التي امتدت طيلة أشهر إلى قتال بالأسلحة النارية بين الفصائل المتنافسة التابعة للحرس الرئاسي. دفع انتشار العنف الأشخاص في المقام الأول إلى ترك منازلهم وقراهم لكن استمرارية الجوع ومحدودية المحاصيل التي يمكن أن تخفف من معاناتهم حثهم على المشي مسافات طويلة وخطيرة بحثاً عن الأمان.

في أكتوبر/تشرين الأول، أشار تقرير مقدم من 12 وكالة إنسانية تعمل في جنوب السودان، من بينها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة، إلى أن الأشخاص الذين يعانون "من سوء انعدام الأمن الغذائي" ازدادوا بنسبة 80 في المئة مقارنة بالعام الماضي.

حذّر التقرير الصادر عن مجموعة العمل التقنية في جنوب السودان المعنية بتحليل الأمن الغذائي مشيراً إلى أنه في المناطق الأكثر تأثراً، بما في ذلك في أجزاء من ولاية الوحدة التي فرت منها بنيلوك ومجموعتها، [كانت] الأعمال الإنسانية ضرورية جداً للحد من ازدياد حالات سوء التغذية والوفاة".

منذ ذلك الوقت، لم تتمكن وكالات الإغاثة من العمل بحرية في الأماكن الأكثر حاجة. واندلعت اشتباكات جديدة في لير، عاصمة ولاية الوحدة بعد وقت قصير من نشر التقرير. واستمرت المناوشات في أماكن أخرى. وأفاد المراقبون عن انتهاكات متكررة لاتفاقية السلام المتفق عليها في أغسطس/آب.

في الوقت الراهن، ازداد الوضع سوءاً. وحذرت شبكة نظام الإنذار المبكر للمجاعة من أنه "من المحتمل أن يتدهور وضع الأمن الغذائي بشكل ملحوظ من يناير/كانون الثاني حتى مارس/آذار" في ولاية الوحدة وولايتي أعالي النيل وجونقلي.

ولهذا السبب تعتقد بينليوك أن الوقت قد حان للمغادرة، وتقول: "ازدادت حدة الجوع والقتال لدرجة أنه لم يبقَ لنا شيء نأكله على الإطلاق، ولم يبقَ خيار أمامنا سوى القدوم إلى هنا على الرغم من أننا لا نزال نشعر بالجوع كما أن الأطفال مرضى، ونحن لا نملك شيئاً ولا حتى فراشاً للنوم في الليل".

تجلس نياويش بانغوت في الجوار وتهز رأسها موافقة وطفلتها الصغيرة الضعيفة في حضنها. وتقول: "كان هنالك الكثير من عمليات القتل العشوائي: فقد قُتل الرجال عشوائياً، وحتى الأطفال كانوا يقتلون عشوائياً. وتدمرت منازلنا حيث كان طعامنا مخزناً، الطعام الذي زرعناه بأيدينا لنتمكن من الصمود خلال الأوقات الصعبة.

"بعد أن فقدنا كل ذلك، لم يتبقَّ لنا ما يبقينا على قيد الحياة، وأدركنا أنه يجب المغادرة. وعلى الطريق، انهار الكثيرون لأنهم كانوا ضعفاء بسبب الافتقار إلى الطعام، ولكن لم نتمكن من التوقف لمساعدتهم، فعددهم كان كبيراً؛ وتُرك الكثير من الأشخاص في الغابة".

هؤلاء الأشخاص الذين يبلغ عددهم 31 شخصاً، ينتمون إلى مجموعة صغيرة من حوالي 350 شخصاً وصلوا مؤخراً إلى رمبيك، عاصمة ولاية البحيرات، حيث الأمان النسبي، بعد أن ساروا أسبوعاً في المناطق الأكثر تأثراً في جنوب ولاية الوحدة.

ومن المرجح أن يكون المزيد في طريقهم أيضاً. وقد منع القتال بين القوات الموالية لرئيس جنوب السودان وتلك المتحالفة مع نائبه السابق، المزارعين من زراعة المحاصيل. ووجدت شبكة نظام الإنذار المبكر للمجاعة أن كمية المحاصيل بلغت عشر العائدات العادية فقط في بعض مناطق الوحدة.

أظهرت توقعات الأمن الغذائي لجنوب السودان من أكتوبر/تشرين الأول 2015 إلى مارس/آذار 2016، أن أسعار السوق قد ارتفعت فجأةً مقارنةً بالأشهر الـ12 السابقة. فالذرة التي تُعتبر محصولاً رئيسياً هنا، تضاعف سعرها أكثر من النصف في رمبيك، وحتى 140 في المئة في العاصمة جوبا.

وقد أدى الانخفاض في قيمة العملة في جنوب السودان مقابل الدولار الأمريكي إضافة إلى ندرة الوقود إلى ارتفاع تكاليف نقل السلع. ويملك القليل من الأشخاص المال لإنفاقه وقد تم إغلاق غالبية الأسواق في الوحدة وجونقلي وأعالي النيل.

ووجدت الدراسات أن معدلات سوء التغذية في المناطق المتأثرة من الصراع كانت "مرتفعة جداً" وتراوحت بين 20 و34 في المئة أي أكثر بضعفين من عتبة "حالة الطوارئ" المحددة من قبل منظمة الصحة العالمية والبالغة 15 في المئة. وذكرت شبكة نظام الإنذار المبكر للمجاعة أنه "من المحتمل أن ترتفع نسبة الوفيات" حتى مارس/آذار.

صرّح كنافي سويبسانغ، وهو رئيس المكتب الميداني للمفوضية في رمبيك قائلاً بأن "الأشخاص الواصلين إلى هنا يشعرون بالجوع والعطش وبالتعب وبعضهم مرضى". وتقدم المفوضية للأشخاص النازحين داخل جنوب السودان ما يحتاجونه لتجهيز منزل مؤقت: الأوعية والمقالي والأطباق والأغطية البلاستيكية للمآوي والبطانيات وفرش النوم وأوعية المياه والناموسيات.

,قال سويبسانغ بأن التمويل المستدام لنداءات الأمم المتحدة ضروري لمساعدة الأشخاص كبينليوك وبانغوت وعائلتيهما وأصدقائهما الذين تمكنوا من الوصول إلى رمبيك. وبعد ثلاثة أيام من وصول المجموعة، قام المسؤولون الحكوميون بتسجيلهم، وهي المرحلة الأولى ليستفيدوا من المساعدة في حالات الطوارئ التي قطعوا هذه المسافة سيراً على الأقدام ليحصلوا عليها. "لا تستطيع المفوضية وشركاؤها بعد الوصول إلى هذه المواقع التي يأتي منها هؤلاء الأشخاص للحصول على المساعدة. ونحن نتوقع أن يقوم المزيد من الأشخاص بهذه الرحلة للمجيء إلى هنا في الأسابيع القادمة".